02 أغسطس 2014

فكاهة ونباهة




فكاهة ونباهة
                                                                     مسعود علي الغتنيني
اشتهرت منطقة (سرار ) ولازالت بكثرة شعراءها الشعبيين الذين ذاع صيتهم.. بطول المشقاص وعرضها وتناقلت الأجيال أشعارهم المليئة بالفخر والحكمة والحنين والغزل والفكاهة ولعل أشهرهم على الإطلاق
الشاعر/عبود بن عمرو الغتنيني.

إلا أنه لقلة التوثيق فقد ضاع أغلب هذه الأشعار ولم توثق ولم يبقَ منها سوى بعض الأبيات التي يحفظها ويتناقلها كبار السن ولعلنا اليوم نقف مع شاعر الفكاهة دون منازع شاعر تميز بحسه الفكاهي وشعره الرقيق والسهل ولكنه السهل الممتنع.. ومع موقف طريف حصل له..وكيف برع بشاعريته وسرعة بديهته إن يحسن التخلص من ذلك الموقف...شاعرنا هو/عوض بن مرجان الغتنيني أما الموقف :
فيحكى أن الشاعر/عوض بن مرجان كان في أحد أسفاره البحرية..حيث كان يعمل بأحد الزعائم (السفن)..وكان النوخذة  الذي يعمل عنده الشاعر /عوض بن مرجان.. يدعى الشنظوري وهو من (الحامي) على أغلب الظن ..وحين كان شاعرنا يقوم بتقطيع الحطب للموقد ..أصابته إحدى قطع الحطب المتطائرة في رأسه ..وتذكر بقية الأهوال والمتاعب التي أصابته خلال هذه الرحلة فقال:
شتغلت مع الشنظوري
ساعة قدي راضي
وساعة يطلع غوري
وساعة في الزعيمة
وساعة في الهوري
ومن فلاس الحطب
شا العلامة فكوري


فسمعه أحد البحارة فذهب إلى النوخذة الشنظوري واخبره أن الغتنيني يهجوه ويقول فيه الاشعار ونقل له ماسمع..فنادى النوخذة على الشاعر /عوض بن مرجان..وطلب منه إن يعيد عليه ماقاله ..فقال على البديهه:

نا مـع الشناظير مابي تا شر كما البكر بخير
وهو مشي عمـــــل  يجي من دون عصيـــر
الـــدنيـا تبي فكـــــر تبي سميـــــع بصيــــر
ولا يسايـــــر النــــاس لا هو قليــــل خيـــر
معي صبيــــغه جديده ومعي فوطــــه حرير

فتعجب النوخذة من سرعة بديهته وكيف حول ذمه إلى مدح..فأسبغ علي حلة فاخرة كانت معه وأعفاه من جميع أعمال ذلك اليوم بسبب فكاهته وسرعة بديهته وحسن تخلصه...
ولعل هذه القصة تذكرنا بقصة أخرى جرت لشاعر الفكاهة العباسي أبي نواس..حيث دخل على الخليفة هارون الرشيد لكي ينشده شعراً وكان بحضرة الخليفة إحدى جواريه تدعى (خالصة)وقد أهداها( عقد) وأخذ يمعن النظر إليها وإلى العقد دون أن يأبه لأبي نواس الذي ينشد قصيدته بحماس فغضب الشاعر وغادر قصر الخليفة ولكن بعد أن كتب على باب غرفتها
لقد ضاع شعري على بابكم**كما ضاع عقد على خالصة
ولكن إحدى جواري خالصة سرعان ما نقلت لها الخبر ..فشكت أبا نواس إلى الخليفة والذي أمر بإحضاره على الفور..لكي يعاقبه ..وانطلق الحراس وأحضروا أبا نواس
إلا انه عند مروره بالباب مسح تجويف العين(ع)قبل أن يدخل على الخليفة وعند دخوله سأله الخليفة غاضبا:. ما الذي كتبت يا أبا نواس..!! فرد أبو نواس
:ما كتبت إلا
خيرا..فطلب منه الخليفة أن يعيد عليه ما كتب فقال :لم أقل إلا:
لقد ضاء شعري على بابكم**كما ضاء عقد على خالصة
فدهش الخليفة وطلب من ابي نواس مرافقته للتأكد من ذلك وعند وصوله إلى المكان وجد الامر كما قال ابو نواس ..ففطن الخليفة لحيلة ابي نواس وأكبر فيه سرعة بديهته وحسن تخلصه وأمر له بجائزة...

بعض معاني المفردات العامية:
#‏ساعة:بمعنى حيناً
#‏قدنا: بمعنى أكون
#‏يطلع:يظهر
#‏غوري:غضبي وسخطي وتذمري
#‏تفليس:تقطيع
#‏شا:بمعنى انظر (شوف)
#‏كوري:بمعنى راسي
# مابي تاشر:بمعنى لا يوجد بي أي شر وأني على احسن حال
#‏كما:بمعنى مثل
#‏البكر: ابن الناقة يضرب به المثل في تمام الصحة

نشرة المسرة العدد الثاني 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا زائرنا الكريم يسعدنا كثيرا ان تنشر تعليقاتك واقتراحاتك

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.