26 ديسمبر 2016

شاعر المشقاص عبود بن عمرو الغتنيني


شاعر المشقاص عبود بن عمرو الغتنيني


كتبه/ هاني عبود الغتنيني

هو الشاعر عبود بن عمرو بن علي بن عمرو بن علي بن مزغوف الغتنيني 

من مواليد منطقة سرار إحدى قرى مديرية الريدة وقصيعر بمحافظة حضرموت عام 1904م  تقريبا.
تلقّى تعليمه الشرعي عن الشيخ عبيد بن عوضه رحمه الله حين كان إماما لمسجد سرار ثم درس بعد ذلك على يد الشيخ عمر بن محمد بن طاهر باحميد ومن بعده عن الشيخ برهان بن عبد الكبير باحميد رحمهما الله وكان التعليم آنذاك يتركز حول القراءة والكتابة وقراءة القرآن الكريم وتعلّم العلوم الشرعية ويتم بدافع ذاتي ورغبة من المتعلم وكان الشاعر عبود بن عمرو مجدا عالي الهمّة فنال حظا وافرا من العلم ونشأ نشأة صالحة منذ نعومة أظفاره .

تفتّـقت موهبته الشعرية وهو دون العشرين من عمره وكان سريع البديهة ذكيا فطنا فجادت قريحته بشعر عذب رصين متين ودخل ميدان الشعر إلى جانب كبار شعراء عصره ومما نقله الرواة جلسة على الحفة في عسد الجبل مع الشاعر حيمد بن الغطف الغرابي 
وهو شاعر كبير في مكانته وسنه حينها والشاعر عبود بن عمرو لم يبلغ العشرين. واستطاع مجاراة بن الغطف باقتدار ونال إعجابه وشهادته وهي مساجلة جميلة وطويلة نقتطف منها شاهدنا:
يقول حيمد بن الغطف الغرابي:-
يا صغير السن وقّـف بانتساير عالحقيقة في القعيدة
جبر ما بيني وبينك بانتساير عند حكمان

جواب عبود بن عمرو:-
جبر حيمد لي تعنّى بانصفّي ما على قلبه يريده
با نخلّي الحوض صافي كان شي شوكة وميزان

قال حيمد بن الغطف:-
نا بغيتك لا محلي في ربوع الحصن بامدك قليده
بانتساير عالحقيقة ما بغينا مال بهتان

جواب عبود بن عمرو:-
ما تهوّبت الثقيلة ما تعبر الحيد الا النجيدة
ساعدونا يا صحابي يوم نا دولة وسلطان

وصدقت فيه  فراسة حيمد بن الغطف الغرابي فأخذ عبود بن عمرو مقاليد حصن الشعر المشقاصي وأصبح شاعر ثعين وعموم المشقاص واسما لامعاً في سماء شعرها.

سافر الوالد عبود بن عمرو الغتنيني إلى السواحل في شبابه للعمل هناك حيث كانت وجهة المسافرين لطلب الرزق في ذلك الوقت ولا ندري مدة مكثه فيها غير أنه من عادتهم أن يمكثوا سنوات في تلك البلاد ويعاودوا السفر إليها وكان الوالد عبود بن عمرو الغتنيني يجيد اللغة السواحلية ومن طريف ما يروى أنه لما تفرغ للتدريس في منطقة سرار كان أحد الطلاب يجيد اللغة السواحلية إذ نشأ هناك عند والده فكان الطلاب إذا أرادوا الاستراحة طلبوا منه أن يكلم الوالد فيطلب منه الاستراحة بالسواحلية فيأذن لهم.

وأثناء إقامته بالسواحل كان يحضر مجالس الشعر التي يقيمها أهل هذه المناطق في أرض الغربة يعبّرون بها عن شوقهم وانتمائهم فلم يكن بعدهم عن وطنهم ليقطع صلتهم به وبتراثه وفنونه فقد نقلت لنا جلسة على الحفة في السواحل جمعته بالشاعر عوض بن السبيتي. 
قال عوض بن السبيتي:-
وسيل الحميمة لي ظواكم عسى السوم جابر
ولا شربت الجربة تقبل لها من قصب وسبول 

قال عبود بن عمرو:-
معنا سواقي لي تردن سيول العوابر
رحبت بالصادر وكلا ضوا عندنا مقبول

توصلت يا زين الدرايش خيار المناور
وصولك من منيبار والا من الهند واسطنبول.

ولما استقر به المقام في سرار أخذ في تجديد مسجدها الجامع وأمّهم فيه وأقام فيه الجمعة وكانوا من قبل يصلّون الجمعة في جامع الريدة كما قام بالتدريس فجعل من بيته مدرسة لتعليم القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم فأقبل إليه الطلاب من سرار والقرى المجاورة واستفاد منه الكثير وتخرّجت من مدرسته دفعات عدة حملت القلم ورفعت لواء العلم في وقت ساد فيه الجهل وتفشّـت الأمية . كما كان مأذوناً شرعياً يتولى عقود النكاح وعقود البيع والشراء. 

وفي هذه الاثناء كان يعمل في مزرعة له جنوب سرار وعند حلول موسم الصرب يشترك مع بعض أصحابه في تجهيز الجريف فيعمل في البحر طيلة هذا الموسم وهو موسم مهم لأبناء هذه المناطق.
أما في موسم الخريف فينتقل الى عسد الجبل حال معظم بيت غتنين فيقيمون فيها قرابة الشهرين ليتصلوا بأموالهم هناك ويشرفوا عليها إذ كانوا يملكون أجزاء واسعة في ذلك الوادي الفسيح ولهم فيه حصن مشهور وناحية يسكنونها تسمى (زحر بيت غتنين)  أوالزحر على يمين الداخل إلى وادي عسد.

وهناك توطدت علاقته بكثير من وجهاء وشعراء تلك المناطق ومن يفد إليها من سكان الساحل المشقاصي حيث كانت عسد الجبل حينها ملتقى لأبناء المشقاص من مختلف المناطق يجمعهم موسم الخريف ويحصل بينهم التعارف والتآلف ويلتقي الشعراء والسمّار في جلسات الشعر والسمر في تلك الليالي الجميلة وخاصة في مناسبات الزفاف والأعياد ويتبارى الشعراء في إبراز بديعهم وما تجود به قرائحهم من كلمات. 

وفي هذه الأجواء المفعمة بحب الشعر الرصين وعشق الكلمات العذبة تعرف جمهور الشعر عن كثب على شاعر المشقاص عبود بن عمرو الغتنيني كما عرفته ساحات الزوامل وجلسات الشعر في كل أنحاء المشقاص شاعراً بليغاً فيّاض القريحة غزير المعاني عذب الألفاظ فسار شعره على الألسنة وذاع صيته وانتشرت أشعاره ولعلو مكانته في الشعر صار يقصده الناس للإجابة عما ورد إليهم من قصائد فقد جاءه مثلا عبدالله البساري بقصيدة للشيخ علي بن حسن باعباد فرد عليها وأرسل الشاعر عيظه بن الطير الجمحي قصيدة إلى المقدم حمد بن سعيد بن قتيب فورد بها على الوالد عبود بن عمرو ليجيب عنها وغيرها كما في ديوانه.

وكان ذات مرة في جلسة على الحفة مع جماعة من الشعراء منهم بن علي عامر اليافعي فجاء إليه رجل بينه وبين زوجته شقاق وطلب منه قصيدة في ذلك فقال له تريد قصيدة لتراضيها أم غضب وقناعة فقال غضب وقناعة فقال الوالد:-
ولعاد برجع * لو قال ألفين كر*  ما لنت يا قلبي لو با يلين الحجر
بنساه من بالي * يامن شنانا شنيته لو سقانا عسل جردان

وكان الشاعر عبود بن عمرو رحمه الله معتدا بقومه يفخر بهم  ويشيد بتاريخهم وأمجادهم يسند موهبته الفذة تاريخ مشرف لقبيلته (بيت غتنين) هذه القبيلة العريقة التي تحظى بسمعة حسنة وتقدير لدى القبائل المشقاصية فقد كان لسانها الفصيح المعبّر عن مآثرها والمدافع عنها في زمن ساد فيه الصراع القبلي, فاجتمع بذلك تألق الشعر وشموخ التأريخ كما اجتمع في شعر عبود بن عمرو رقة الزهد والصلاح وبلاغته وجماله وصلابة الغتنيني وشجاعته وجرأته فهو القائل للشيخ سالم بن برهان باحميد ابن شيخه هذا العتاب الرقيق:
بو عمرو قال الفتى صادق من الصادقين
مشهور معلوم وجميع العرب دارييـــــن
نا با تكلم وهاظ الرأس ما هو منيـــــــن
والي يسقّــي ذبوره والذي مزمنيـــــــن
وســـــــرار فيها أسرار الأولياء ساكنين
وزرعها الهيل والكادي وعود البنيـــــن
شوفه شفاء القلب وثماره دواء العاشقين
والشيخ قل له يفنّد في الذي هو هويـــن
يا للي ذكرت العدالي والحجز واللويــــن
كم من جمل في المحط والرأس ملقي ونين
ما تهوب العوش ضاري عا حمول الرزين
لولا الحرم والشروع الماضية الوافييـــــن
ما با رضي بالمذمـــــة فرّح الشانييــــن


وهو القائل في موضع آخر:
وسرار فيها شاربين المسكرة       قل للهلالي ما ربح من غارها

ولما حصل نزاع على آبار في الحافة بين الكثيري والغتنيني  قال الشاعر كعموم العليي وهم حلفاء الكثيري:
                قل للغتنيني يفتكر   يشاور صحابه والبدد
            كانه مطامع في البيار    قل له يتقنع من عسد

فرد عليه عبود بن عمرو بقوله:
ذلحين يا لهاجس نشد  ..  ويقول بو عمرو الفتى عا لهافية ما با سجد
ما شل ذي ما ينتقــد  ..  يوم العضيدة شابكه وعلى القوايم معتمــد
وسلام عا جمع البــدد ..  عا شجر الثعين صلاح الروم لي ناره وكـد
وعسد معي مسراح جد  ..  مسراح من زام الكفر وبدر عاده ما وجد
ما با تقنّع من عسد  ..  نخزي عليها بالخموس والكيل من روس العدد


وخرج بيت غتنين ذات مره في طردة ومعهم شاعرهم عبود بن عمرو حتى وصلوا إلى أطراف المهرة فاسترجعوا إبلهم  وصفّوا في تلك المنطقة فقال:

قال الصليب ابن الصليب   يا من معه دحن الوعل  بايوردونه عالطليب
سرّحـت ما نا مستهيــب   وتوسليــت المسكـــتي  للخصم قطاع النصيب

فساروا يتزملون بها  حتى وصلوا منطقة العيق فاستوقفهم وقال :
ندّخت من بحر الغزير** بحر المراكب والفلوك** والشحن من عود الكسير
عدّيـت شامـر بالكبير**   عدّيــت مانا مستهيـب  ** بين الشريحـي والكثــير

وعندما يتعرض بيت غتـنين وشاعرهم لاستفزاز من شاعر ما يكون الرد قوياً ومفحماً ويعتمد الشاعر في مثل هذه الحالات على الكنايات والاستعارات الجميلة التي تضفي على شعره رونقا وتزيده إبداعا ولم يكن من شأنه الفحش في القول وتجاوز حد الأدب فقد قيل له مرة والمقصود قبيلته :-

بو ثــــريا لــك حنيــن    ليشه لا الزمن قلب     والوقــات مقلبين
كانك من مطر صحين   كانك من مطر كنان   لا برقت من العين

فيذكر الشاعر أنه كان لهم شأن فيما مضى ولم يعد كما كان  فرد عليه:

لا الصناعة من تقين   بايتفـــاقد الخــلل    قبل لا العـوار يبيــن 
القسـي ما عاد يليــن  يقطع من غير مسن  في العلوب الراسيين 

أي أنه  كما كان  قويا لم يدخله لين وعلى عادته في القطع حاداً ماضياً 
لا يفتر ولا يحتاج إلى صقل (سن) .

ومع أن شعره كالنسيم العليل رقة وكالشهد  حلاوة إلّا إنه إذا نيل من قومه فإنه ينقلب الى بحر هائج متلاطم الأمواج لا يقوم له شيء فعندما كان في مساجلة مع أحد الشعراء يعمها الصفو والهدوء إذ بدرت من ذلك الشاعر كلمة أحفظتهم فكان الجواب:

موجه وخضير قلب .. وذلحين صدق الشان .. كل شاره فيها خب
عاده لي فصل زيب .. وانته عارف السفــر ..  وتربـّـن الخشــــب
وخضير اسم يطلق على البحر.
وعبّر بالبحر في مناسبة أخرى لكنه هذه المرة طغت أمواجه وصار أكثر قوة وهيجاناً بإحساسه برياح مصاحبة للسحب الممطرة ويكون البحر أشد اضطراباً في هذه الحالة ليستقبل سيلاً قادماً إليه فقد قال أحد الشعراء واصفاً نفسه بالسيل محذراً من أمامه :
ضويت من صيق عكل .. من هو عاطريق السيل .. يتوحز لا معزل 
فقابله البحر:

بحـر الحيـــوس رقل .. يـــوم عايــن المخــال.. وطهوب النو قبل
لا تحسبني بيت جفل .. صافي ومسقاي بميس .. وحديدي مي فتل 

وقد وصفه شاعر آخر بالبحر فأصاب وهو يقصد قومه فقال:
ذا ورى خضير كذي  ..  ذا ورى خضير عموم  .. اتشور  وتملي

فكان الجواب أن أشاد بقومه وتاريخهم المشرف مذكراً أن الغني يبلغ ما يريد :
من ضماره بايكفي  . . .   لي قدّم لي عذار ويشكي من قل الشي
المضمّـــر والغني  . . .    بي تبلّغ حيث يريد وحباله با تضفــــي
ثم أردف قائلاً 

موح العصر مو مدي  ...  ما با عابر بالشحـاح المهــاره بتوفــي
جيـبي بالرجال دفي   ...  خلّوا كل عوج سماح والنجيده لا تشبي

وعند زيارة السلطان القعيطي للريدة الشرقية وفد عليه صف بيت غتنين في من وفد من قبائل المشقاص يتزملون بقول شاعرهم عبود بن عمرو:

وبديت بالفرد الجليل     *    وعلى الصـوايب دلّنا يا ربنا وأنته دليـــل
وجّهت والمورد سبيل   *     شوكـة على قبّـانها عالحق واقف ما تميل

يالقبـــــولة ملّش طويـــل    *    وعلى الشروع البالغة من كالها بايستكيـــل
عادي مطوّل في الجميـل    *    وعلى الوثور السابقة عندك ونا عندي قبيل

فجعل قبيلته في مصاف الدولة ومقابلة لها مشيراً إلى المعاهدة بين الغتنيني والقعيطي والتي أنهت صراعاً بينهما دام سنوات وهي أول معاهدة للدولة القعيطية في المشقاص كما يقول المؤرخ الملّاحي.
ومع أن الشاعر رحمه الله قد طرق في شعره موضوعات شتى على ما هو معهود لدى شعراء عصره فإنه قد توسع في ادخال المعاني الايمانية والزوامل ومقدمات قصائده مع التزامه ذلك في أغلبها بما يجعله متفرداً في هذا الجانب فقد جعل ساحات الزوامل تردد معاني الثناء والتبجيل للخالق العظيم ونبيه الكريم وأطنب في هذا الأمر وأكثر وديوانه خير شاهد عل هذا يقول في إحدى قصائده:

بابــدي ونا في رجـــاك  . . .   يا إلهي يا قــــوي  . . .   ومــــــدور الفــــلاك
ما حد غيرك في الملاك . . .  والصلاة على النبي . . .  ما نا في الرسالة شاك

ويقول في قصيدة أخرى:
بابـــــدي والله كبـــر  . . .   يا مزين السماء بالكواكب والقمــــر
صلوا عالنبي حضر  . . .   له محبة فالقلوب والخواطر به تستر

وقد قضى في التعليم والاصلاح والحضور الشعري وفي عام 1972م  سافر الى مكة لحج بيت الله الحرام بصحبة ابنه الشاعر عمرو عبود الغتنيني وحج معهم في هذه السنة الشاعر الشيخ كرامة بن عمرو بن حماده الثعيني فترافقوا معاً وأكرم بهم من رفقة .

وقد عزم الشاعر عبود بن عمرو على إلا يقول الشعر بعد عودته من الحج كما أخبرنا بذلك الشيخ كرامة بن حمادة وفعلاً انقطع عن ميدان الشعر بعد أن حلّاه بأبهى الدرر والجواهر وسار بأقواله الركبان وقد ترك للشعر جماعة من الشعراء يقومون بمهامه في مختلف المناسبات والأحوال وفي ذلك يقول الشاعر أحمد بن سعد بن الخليسي الغتنيني مخاطباً عبود بن عمرو :
بوعمرو ياشيخ البلاد    *    باكسيك بز المشعبي لي هو على الدنيا وجاد
ما بيت شدّك عالحواد   *    ومعي دواسر باركة لي تجيك عاطلبه وكاد
فأجاب عبود بن عمرو:
نا حضرت في زام العناد   *    واليوم تخفيفي معي وأمّا الثقيلة عالنجاد
ما بيت قصّر ذا المواد     *    أما الزمان السابقي ضاري نسقّي به قواد

ولم يقل الشعر بعد هذا إلّا مرات معدودة ولأسباب خاصة فمن ذلك عند أن قدم عليهم صف الثعين مع شاعرهم الشيخ كرامة بن حمادة الثعيني بقصيدة على حرف (الصاد) فأجابه بعضهم بقصيدة ليست على نفس الحرف لصعوبة هذه القافية ولأن أكثر الشعراء كانوا أميين فرد ابن حمادة بقصيدة يطلب منهم استدعاء الصانع الماهر في صناعة الشعر ووكيله والقائم على خزائنه فقال:
بالحقــــائق ما تختــــــص  . . .  يمحــــن لا نكد الخو لا تنكـــد ونتغــــص
لا شي في الحساب نقـص . . .  يوفيه وكيل المال لا هو في الخزائن رص

فأرسلوا الى الوالد عبود بن عمرو فجاء متكئاً على عصاه حتى وقف أمام الصف وأنشأ يقول:
وكلامــــك له محـــــص  . . .  حيا من هدف وجاء لا هو بالضمير خلص
ما شي في الوهوم نقص  . . .  ليشه لا الزمــــن قلب والفتيلـــــة عالمقص

فقال ابن حماده مثنياً على الشاعر عبود بن عمرو ومكانته في الشعر :
ماهر في الصنع ختص  . . .  قدم من حبوب اللول صب الفضة فوق الفص
الفضـــايا عا تغــــتص . . .  عــــد وازر من قصـــب وشواغي متمــــتص

لقد كان للشاعر مكانة مرموقة في ربوع المشقاص مشهوداً له بالتقدم والفضل وكان ذا قدرة فائقة على صوغ الجملة الشعرية فأتى شعره جزلاً وألفاظه جميلة  منتقاة لا حشو فيها ولا زيادة عما يقتضيه المعنى ومعانيه غزيرة مع ما تضفي عليه الصور البلاغية التي يجيد استخدامها من رونق وجمال , ويتدفق شعره عن طبع وسرعة البديهة مع ما كان عليه الشاعر من خلق حسن وزهد وتأله وصلاح فلاقى قبولا حسنا عند الناس وثناء عاطرا وتلك عاجل بشرى المؤمن .

ولنأخذ ما قاله فيه أبرز رجالات الشعر والأدب والتأريخ وهي شهادة معتبرة معتد بها لأنها صدرت من أهل هذا الشان:

يقول الشاعر الشيخ كرامة بن عمرو بن حمادة الثعيني معلقاً على ما عرض عليه من أشعار الشاعر عبود بن عمرو التي تم جمعها:
 " إن الوالد عبود بن عمرو هذا الموجود غير كافي من بحره الزاخر في وقته ومع طول عمره الزاهر بالعطاء وما يذكر الناس عنه بأنه شاعر المشقاص جميعاً وشاعر غتنين وعموم ثعين ومن يسكن بجوارهم وإني حزين على ما فرط من إنتاج نبعه الصافي  ومهارته في صناعة الشعر وإنني غير مقتنع بهذه النتف ولا أعتبرها إلا رشة من محيط زاخر".
وهذ شهادة لها قيمتها من مثل الشيخ كرامة بن حمادة وهو من هو في الشعر والأدب .
إن مما يدعو إلى الحزن والأسى لدى المهتمين بالشعر أن لا يصلنا من شعر الوالد عبود بن عمرو إلا القليل وإنّ ضياع شعره وشعر غيره في ذلك الزمن  لخسارة كبيرة للأدب المشقاصي والحضرمي عموماً .

يقول عنه الكاتب والأديب المعروف  سالم العبد الحمومي :
" كان شاعراً مطبوعاً حكيماً ورعاً شهماً كريماً لا يجود الزمان بأمثاله إلا في ما ندر ".

يقول الشاعر سعيد سالم بلكديش عندما سئل عن شعراء المشقاص:
" حسب ما سمعت وقرأت وهذه من وجهة نظري الشخصية إن عبود بن عمرو كان المتميز فيهم مع الشيخ علي بن حسن باعباد ".

•      يقول عنه الكاتب والباحث المؤرخ عبدالله صالح حداد في كتاب معجم شعراء العامية الحضارمة:
"  الشاعر العامي عبود بن عمرو بن علي بن مزغوف الغتنيني من مواليد عام 1904 ببلدة سرار إحدى قرى مركز الريدة وقصيعر بشرق حضرموت , وقد تلقى تعليمه على كتّاب البلدة وعلى شيوخها واصل تعليمه. وقد أشاروا إليه بأنه ممن حمل لواء العلم في زمنه. فقد كان بيته مدرسة لحفظ القرآن , لإضافة إلى كونه خطيبأً وإماماً لمسجد جامع سرار . وكان شاعراً مجيداً , فهو شاعر المشقاص وقبيلة غتنين وكل عموم ثعين القضاعية, مع أخلاقه وزهده وورعه. وقد فارق الحياة ليلة الاثنين 19 ربيع الاول 1406هجريه  الموافق 1/12/1985 م ".
  
أصيب الوالد في آخر عمره بشلل أفقده القدرة على المشي فظل قعيد الفراش ما يقارب السبع سنوات وهو وافر العقل حاد السمع والبصر حتى وافاه الأجل في ليلة الاثنين تاريخ 19 ربيع الأول عام 1406هجرية الموافق الأول من ديسمبر 1985 م  بعد حياة حافلة بالعطاء .
له من الابناء اثنان عمرو بن عبود الشاعر المعروف وسعيد بن عبود ومن أحفاده الشاعر عبدالرحمن سعيد الغتنيني.
 رحم الله الوالد رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألحقنا به في أعلى عليين آمين .

ــــــــــــــــــــــــــ
عبود بن عمرو الغتنيني_ موسوعة الويكيبيديا

 مجلة حضرموت الثقافية العدد الثالث عشر , مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر .

ملحق نشرة المسرة الثافية العدد ( الرابع ) ,  ملتقى شباب سرار الثقافي الاجتماعي  الريدة الشرقية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا زائرنا الكريم يسعدنا كثيرا ان تنشر تعليقاتك واقتراحاتك

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.