02 أغسطس 2014

أشدو مع العيد أم أبكي مع العيد




أشدو مع العيد أم أبكي مع العيد
هاني عبود الغتنيني

أثبت الواقع منذ أكثر من ألف عام أن هذه الأمة التي أكرمها الله بأفضل رسله وأعظم كتبه أنها قد تضعف وقد تمرض ولكنها لاتموت وماتلبث أن تنتفض قائمة شامخة عالية وإنها لعالية في كل حال بدينها وعقيدتها وهذا مايجعل الأمل متقداً والرجاء معقوداً ممايدفعنا لنشدوا مع العيد رغم مانعانيه من جراح أثخنت جسد الأمة.
وبالنظر إلى مايحدث على خارطة العالم المعاصر يتضح جلياً حجم التكالب الأممي على الأمة الإسلامية الذي لو وقع بعضه على أمة أخرى لتهاوى كيانها وانهارت أركانها.وفي مثل هذا قال كعب بن مالك الأنصاري رضي الله 
عنه حين رمتهم العرب عن قوس واحدة

فلو غيرنا كانت جميعاً تكيده**البرية قد أعطوا يداً وتوزعوا

وإزاء هذاالوضع المؤلم قامت محاولات عديدة للنهوض بالأمة وإعادتها إلى سابق عزها ومجدها ولكنها وللأسف تناقضت فيما بينها وأصبحت جزءا من المشكلة وزادت الطين بلة  وصدق عليها قول الشاعر

رام نفعا فضر من غير قصد **ومن البر مايكون عقوقا

وأكبر أسباب فشلها بعد التفرق والتنازع هو اتخاذ وسائل وأساليب تخالف تعاليم الشرع الحنيف بل أكثرها مستورد من أعدائنا نجاريهم فيها علهم يرضون عنا فنستقوي بهم ولن يرضوا إلا باتباع ملتهم ، فأصبحنا في دوامة أهواء متبعة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فنصر على تجريب طرائق قد جربت من قبل مرارا فأثبتت فشلها
فكيف نصلح الاوضاع باتباع الهوى ومخالفة الشرع؟
أم كيف نصلح الاوضاع باتباع سبيل المغضوب عليهم والضالين؟
ان هذا غير ممكن لايستقيم الظل والعود اعوج .مع علمنا اليقيني ان علاج كل مشاكلنا كأفراد وشعوب في اتباع الدين الحق الذي ارتضاه الله للناس .
وان تعجب فاعجب لمن يسعى ليشعل النيران في بيته ويسلك لذلك كل الوسائل فيوقدها وينفخ فيها ويحث على ذلك يجهر بصوته حينا ويخفيه حينا حتى اذا سرت النار في منزله سريانها في الهشيم واحرقت متاعه واثاثه قام يذّكر بأثارهاالسيئة محذرا من اشعال الحرائق ولايدري الناس أهو صادق في ذلك ام لا؟!
ومن آخر مامنيت به الامه مايسمى (الربيع العربي ) تزيينا وتزييفا وكنا نتوقع من قبل انه لن يحقق اهدافه وربما يهوي الى الاسوأ لأن التجارب التاريخية قديما وحديثا تؤكد فشل مثل هذه الأساليب ولان الصفوف غير صافيه ومصالح الاحزاب والجماعات والاشخاص متضاربة فأنى لها النجاح؟!
فلهذا وغيره لم تحقق الجماهير مطالبها التي خرجت من اجلها من حرية وتحسين الوضع السياسي والاقتصادي بل وصل الامر الى ماوصل إليه اليوم في بلدان(الخريف العربي)،لقد خرجت الجماهير المتحمسة بلا رؤية واضحة ووعدوها ومنوها بالرخاء والحرية وما مواعيدها إلا الأباطيل وضحى أناس بأنفسهم في عمل لم تتوافر أدنى شروط نجاحه فإن كانوا لايدرون بما اقدموا الناس عليه فتلك مصيبة وان كانوا يدرون فالمصيبة أعظم وعلى الأمه ان تتعظ من هذا الدرس ولا يكون كالدروس السابقة.
اننا بحاجة الى المصارحة والمراجعة والتخلي عن الاهواء الشخصية والحزبية كخطوة أولى في طريق معالجة أوضاعنا خاصة لدى العاملين للإسلام وان يجتمعوا على كلمة سواء ويؤثروا الاجتماع والاخوة واصلاح ذات البين وفق الشرع المطهر ويترك كل منا ماعنده من سلبيات فالاستمرار في الخطاء اسوأ من الخطأ نفسه فما أحد معصوم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

ومن الذي ماساء قط**ومن له الحسنى فقط

إن الدواء الناجع لمااصاب الأمة من ضعف وذلة هو في كتاب الله المبين وحديث سيد المرسلين لاطريق لنا نحو العزة والكرامة إلا بهذا اما اذا ظللنا نلهث وراء البدع السياسية المستوردة من الخارج كالتعددية الحزبية والديمقراطية واشباهها فإننا سنكون

كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ**والماء فوق ظهورها محمول

وعلى هذا فان الشعوب الاسلامية اليوم بحاجة ماسة الى اصلاح علاقتها بربها تعالى بالتوبة والانابة واقامة دينه كماامر وانما اعز الله من اعز من هذه الامه بإيمانهم وتقواهم بينما نحن نريد الامن ورغد العيش ونحن مقيمون على المعاصي والمنكرات

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها**إن السفينة لاتجري على اليبس

اننا بحاجة الى ثورة في هذا الاتجاه حتى يصلح الله احوالنا وتعود الامة أي سابق عزها ومجدها.
هذا وقد أطلعني احد الأخوة على قصيدة رائعة للشاعر الدكتور/عبد الرحمن العشماوي وهو قامة شامخة في الشعر والادب عنوانها((أشدو مع العيد أم أبكي مع العيد))قالها في عيد الاضحى من العام الماضي يتألم فيها مما يصيب الأمة من حروب عدوانية ونكبات وخص بالذكر بلدان الربيع العربي ومن الواجب الإيماني أن يشعر المسلم بمايجري عل إخوته في الدين والعقيدة يقول في اخر قصيدته
أحبتي أخبروني عن مدى ألمي**أشدو مع العيد أم أبكي مع العيد
فنسجت على منوالها وجئت ببضاعة مزجاة لقصر الباع في الشعر فقلت

ياطائر العيد ماذا قلت في العيد**إن المشاعر لاتغرى بتحييدِ
نهفو إليه ونستحيى أهلته**وربعنا قفرة غبراء كالبيدِ
عاد الربيع خريفاً في أزقتنا**وأسقطت ريحه كل المواعيدِ
هذي الجموع التي هبت مزلزلة**من وطأة البؤس في بؤس وتنكيدِ
وقام يوردها حوضاً مكدرة**من ليس يصدرها من بعد توريدِ
ألا رجال بتوفيق تعان به**تفند الزيف منا كل تفنيدِ
علام يترك جمهور بلا هدف **والمرشدون له من دون ترشيدِ
وكم مكثنا نعاور منطقاً جدلاً**وجرحنا نازف من غير تضميدِ
إن كان ذلك ياأبتاه ديدنا**فابكِ مع العيد ثم ابكِ مع العيدِ
وجوهنا فيه إن بسمت فبسمتنا**الكبرى تراوح في حبس وتقييدِ

نشرة المسرة العدد الثاني  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا زائرنا الكريم يسعدنا كثيرا ان تنشر تعليقاتك واقتراحاتك

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.