25 يناير 2017

تعلم اليوم لتضمن مهنة الغد

تعلم اليوم لتضمن مهنة الغد
طارق سعيد الغتنيني أبو عمار


العلم روضة يكتنفها التعب , ولذة مشوبة بالمعاناة , وخشية تزين حقيقته , وبها يعلو سادته ,اتفقت الشرائع على حسنه واجمع العقلاء على مدحه , ولا يكاد يذمه إلا أحمق مغبون في عقله ,كم كتبت في فضله أشعار ,وسطرت في تمجيده أسفار ,رغم أتساع روضة الإشادة به في كل زمان ومكان إلا أنني أحببت أن نورد في فضله بعض الآيات من كتاب الله الكريم ,وقبس من نور النبوة ,وأقتطف من هذه المقالات الرائعة بعض أزهارها , وأرصد من أقوال الشعراء خير ترانيمها ,راجياً شحذ الهمم وتذكير أهل العلم والفضل بشرف مقاماتهم وعلو غاياتهم . 

 قال تعالى { وقل ربي زدني علماً }  وقال أيضاً  { أنمى يخشى الله من عباده العلماء }
ومن الأحاديث عن معاذ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة ودراسته تسبيح والبحث عنه جهاد وطلبه عبادة وتعلمه صدقة وبذله لأهله قربة لأنه من معالم الحلال و الحرام وبيان سبيل الجنة والمؤنس في الوحشة والمحدث في الخلوة والجليس في الوحدة والصاحب في الغربة والدليل على السراء والمعين على الضراء والسلاح على الأعداء وبالعلم يبلغ العبد منازل الأخيار .

يقال أن الخضر قال لنبي الله موسى عليه السلام : يا موسى تفرغ للعلم أن كنت تريده فإنما العلم لمن تفرغ له .
وقال بديع الزمان الهمداني : طلبت العلم فوجدته صعب المراد , لا يصاد بالأزلام , ولا يورث عن الأخوال والأعمام , فاستعنت عليه بطول السهر , وأعمال الفكر , وافتراش المدر , حتى لانت لي قناته .
وقال يحيى بن خالد لأبنه : يا بني  عليك بكل نوع من العلم , فخذ منه ,فإن المرء عدو ما جهل , وأنا اكره أن تكون عدو شئ من العلم .

وقال الشافعي رحمه الله :
                          العلم مغرس كل فخر فافتخر
                                                         واحذر يفوتك فخر ذاك المغرس
                       فلعل يوماً أن حضرت مجلساً
                                                        كنت الرئيس وفخر ذاك المجلس
وقال الشاعر محمد البطليموسي :
                    أخـــو العــلم خــالد بعد مـــوته
                                                   وأوصاله تحت التراب رمــيم
                   وذو الجهل ميت وهو يمشي على الثرى
                                                يظن من الأحياء وهو رمـــيم

ولا يخفى أن للعلم و أهله أعداء , امتدت أياديهم إلى ثني أبناءنا وفلذات أكبادنا وتحبيط هممهم العالية بعبارات معسولة وتضييق أفق المستقبل أمامهم , فنجحوا في البعض وأخذوهم من مقاعد الدراسة إلى مهاوي الردى والضياع , فانجرفوا في تياراتهم وسلكوا مسالكهم , ليس لهم من الحياة هدف ولا جواهر ولا صدف .
أيها الأب الغالي و الأخ العزيز أحرص على أبنك ولا تجعل همتك في توفير الكسوة والغذاء والمصروف اليومي وأن كان هذا واجب عليك ولكن لاتجعلها الهم كله والشغل الشاغل , فاستعن بالله وكن خير عون له في تذكيره بالدروس والجلوس معه أول بأول لكي تراه في المكانة التي تمنيتها له.  
بني الغالي انطلاقاً من عنوان الموضوع , ونصيحة من قلب محب , أجعل لك من الحياة هدف تسمو إليه , ومستقبل تشمر له , وغاية سامية تسعى إلى تحقيقها .  فإن الأستاذ و الدكتور والمحامي والوزير وغيرهم كانوا يوماً من الأيام تلاميذ مثلك جلسوا في مقاعد الصف ودرسوا أبجدية اللغة , ولكنهم رسموا لهم أحلاما فكبروا وكبرت معهم تلك الأحلام حتى تحققت لهم . فأخدم نفسك وأهلك وبلدك بمهنة شريفة , فأني أحب أن أراك في منازل الشرفاء و مواطن الفخر والاعتزاز , فتعلم اليوم لتضمن مهنة الغـــــــــد .
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا وسهلا زائرنا الكريم يسعدنا كثيرا ان تنشر تعليقاتك واقتراحاتك

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.